مسرحية الممحـاة والقلم
كان داخل المقلمـة ممحاة صغيـرة، وقلمُ رصاص جميـل.. كان القلم حزينا يكلم نفسه في حيرة. فدار حوار قصيـر بينهمـا.
قالت الممحاة: كيف حالكَ يا صديقي؟
أجاب القلم بعصبية: لستُ صديقـكِ!
اندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟!
فرد القلم: لأنني أكرهـكِ.
قالت الممحاة: ولمَ تكرهني؟!
أجاب القلم: لأنـكِ تمحيـن ما أكتب.
فردت الممحاة: أنا لا أمحو إلا الأخطاء.
انزعج القلم وقال لها: وما شأنـكِ أنتِ؟!
فأجابته الممحاة بلطف: أنا ممحاة.. وهذا عملي.
فرد القلم: هذا ليس عمـلاً!
التفتت الممحاة وقالت له: عملي نـافع مثـل عملكَ تمـامـاً.
ولكن القلم ازداد انزعاجا وقال لها: أنتِ مخطئـة ومغـرورة.
فاندهشت الممحاة وقالت: لمـاذا؟!
أجابها القلم: لأن مَنْ يكتبُ أفضـلُ ممّنْ يمحـوُ.
قالت الممحاة: إزالـةُ الخطـأ تـُعادل كتابـة الصـواب يـا صديقي.
أطرق القلم لحظـة.. ثم رفع رأسه.. وقال: صـدقتِ يا عزيـزتي!
فرحت الممحاة وقالت له: أما زلتَ تـكرهني؟!
أجاب القلم وقد أحس بالندم: لن أكـره مَنْ يمحـو أخطائـي.
فردت الممحاة: وأنـا لن أمحـوُ مـا كان صوابـاً.
قال القلم: ولكنني أراكِ تصغريـن يومـاً بعد يـوم!
فأجابت الممحاة: لأنني أضحي بشيءٍ من جسمي كلما محوْتُ خطـأً.
قال القلم محزونـاً: وأنـا أشعـر أنني أقصـرُ ممـا كنت سابقـاً!
قالت الممحاة تواسيـه: لا نستطيع إفادةَ الآخريـن.. إلا إذا قدّمنـا تضحيـة من أجلهم.
قال القلم مسروراً: ما أعظمكِ يا صديقتي.. وما أجمـل كلامـكِ!
فرحت الممحاة.. وفرح القلم.. وعاشا صديقيـن حميميـن لا يفتـرقـان ولا يختلفـان إلى الأبد.
علينا أن نلتزم بحسن الكلام والصبر على الآخرين وتقديم المساعدة ولو كان في ذلك مشقة أو خسارة لنا.
فنحن لا نستطيع إفادةَ الآخريـن.. إلا إذا قدّمنـا تضحيـة من أجلهم.
ويجب أن نقول شـكراً لمن يمحـوُ لنـا أخطائنـا.. ويرشدنـا إلى طريق الصـواب؟ ألا يستحق الشكر!